الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
2- التقديم: في قوله: {واعلموا أن فيكم رسول اللّه} فقد قدّم خبر إن على اسمها والقصد من ذلك التشدّد على بعض المؤمنين لتحاشي ما استهجنه اللّه من محاولتهم اتباع رأي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لآرائهم.3- التعبير: بالمضارع دون الماضي في قوله: {لو يطيعكم} ولم يقل أطاعكم وذلك لإفادة الديمومة والاستمرار على أن يعمل ما يرونه صوابا وإن عليه كلما عنّ لهم رأي أو بدأت لهم في الأمور بداءة أن يخلد إليهم ويفعل ما يعتقدونه حقا.4- الطباق: وذلك في قوله تعالى: {حبّب} و{كرّه} وفي التحبيب والتكريه خلاف بين أهل السنّة والمعتزلة لا يتّسع له صدر هذا الكتاب فليرجع إلى المطولات.
.الفوائد: أورد الزمخشري إشكالا على إعراب فضلا فقال: فإن قلت من أين جاز وقوعه مفعولا له والرشد فعل القوم والفضل فعل اللّه والشرط أن يتحد الفاعل؟ قلت لما وقع الرشد عبارة عن التحبيب والتزيين والتكريه مسندة إلى اسمه تقدست أسماؤه صار الرشد كأنه فعله فجاز أن ينتصب عنه أو لا ينتصب عن {الراشدون} ولكن عن الفعل المسند إلى اسم اللّه تعالى والجملة التي هي {أولئك هم الراشدون} اعتراض أو عن فعل مقدّر كأنه قيل جرى ذلك أو كان ذلك فضلا من اللّه وأما كونه مصدرا من غير فعله فأن يوضع موضع رشدا لأن رشدهم فضل من اللّه لكونهم موفقين فيه والفضل والنعمة بمعنى الأفضال نقول، وهذا الإشكال الذي أورده الزمخشري بناء على اعتقاد المعتزلة بأن الرشد ليس من أفعال اللّه تعالى وإنما هو فعلهم حقيقة، والواقع أن الرشد من أفعال اللّه ومخلوقاته فقد وجد شرط انتصاب المفعول له وهو اتحاد فاعل الفعلين على أن الإشكال وارد نصا على تقريرنا على غير الحدّ الذي أورده عليه الزمخشري بل من جهة أن اللّه تعالى خاطب خلقه بلغتهم المعهودة عندهم ومما يعهدونه أن الفاعل من نسب إليه الفعل وسواء كان حقيقة أو مجازا حتى يكون زيد فاعلا وانقض الحائط وأشباهه كذلك وقد نسب إليهم الرشد على طريقة أنهم الفاعلون وإن كانت النسبة مجازية باعتبار المعتقد وإذا تقرر وروده على هذا الوجه فلك في الجواب عنه طريقان إما جواب الزمخشري وإما أمكن منه وأبين وهو أن الرشد هنا يستلزم كونه راشدا إذ هو مطاوعه لأن اللّه تعالى أرشدهم فرشدوا وحينئذ يتحد الفاعل على طريقة الصناعة اللفظية المطابقة للحقيقة وهو عكس قوله يريكم البرق خوفا وطمعا فإن الإشكال بعينه وارد فيها إذ الخوف والطمع فعلهم أي منسوب إليهم على طريقة أنهم الخائفون الطامعون والفعل الأول للّه تعالى والجواب عنه أنهم مفعولون في معنى الفاعلين بواسطة استلزام المطاوعة لأنه إذا أرادهم فقد رأوا وقد سلف هذا الجواب مكانه وعكسه آية الحجرات إذ تصحيح الكلام بتقدير الفاعل مفعولا وهذا من دقائق العربية..[سورة الحجرات: الآيات 9- 11]. {وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}..اللغة: {طائِفَتانِ} الطائفة: الجماعة من الناس والقطعة من الشيء، والذين يجمعهم رأي أو مذهب يمتازون به عن سواهم ومؤنث الطائف والجمع طائفات وطوائف وفي القاموس والطائفة من الشيء القطعة منه أو الواحد فصاعدا أو إلى الألف أو أقلها رجلان أو رجل فيكون بمعنى النفس وقال شارح القاموس في التاج: قوله فيكون بمعنى النفس هذا توجيه لكون تائه للتأنيث حينئذ أي النفس الطائفة قال الراغب: إذا أريد بالطائفة الجمع فجمع طائف وإذا أريد به الواحد فيصحّ أن يكون جمعا وكنّى به عن الواحد وأن يكون كراوية وعلامة ونحو ذلك.{تَفِيءَ} مضارع فاء أي رجع.{أَقْسِطُوا} أعدلوا من أقسط الرباعي بخلاف قسط الثلاثي الذي معناه الجور يقال قسط الرجل إذا جار وأقسط إذا عدل قال تعالى: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} وقال في التاج: ففي العدل لغتان قسط وأقسط وفي الجور لغة واحدة قسط بغير ألف.{قَوْمٌ} القوم: الرجال خاصة لأنهم القوام بأمور النساء قال اللّه تعالى: «الرجال قوّامون على النساء» وقال عليه الصلاة والسلام: «النساء لحم على وضم إلا ما ذبّ عنه الذابّون» والذابّون هم الرجال، وهو في الأصل جمع قائم كصوّم وزوّر في جمع صائم وزائر أو تسميته بالمصدر، عن بعض العرب إذا أكلت طعاما أحببت نوما وأبغضت قوما أي قياما، واختصاص القوم بالرجال صريح في الآية وفي قول زهير:وأما قولهم في قوم فرعون وقوم عاد أنهم الذكور فليس لفظ القوم بمتعاط للفريقين ولكن قصد ذكر الذكور وترك ذكر الإناث لأنهنّ توابع لرجالهنّ، هذا ما ذكره في الكشاف فهو اسم جمع بمعنى الرجال خاصة وأحده في المعنى رجل وقيل جمع لا واحد له من لفظه وقال بعضهم:القوم الجماعة من الناس والجمع أقوام وأقاوم وأقائم وأقاويم، وقوم الرجل أقرباؤه الذين يجتمعون معه في جدّ واحد.{تَلْمِزُوا} اللمز الطعن والضرب باللسان وفي المصباح: لمزه لمزا من باب ضرب عابه وقرأ بها السبعة ومن باب قتل لغة وأصله الإشارة بالعين ونحوها.{تَنابَزُوا} التنابز: تفاعل من النبز وهو التداعي باللقب والنزب منه لقب السوء، ويقال تنابزوا وتنابزوا إذا دعا بعضهم بعضا بلقب سوء. .الإعراب: {وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما} الواو عاطفة و{إن} شرطية و{طائفتان} فاعل لفعل محذوف يفسّره ما بعده و{من المؤمنين} نعت {طائفتان} و{اقتتلوا} فعل ماض مبني على الضم وسيأتي سرّ اتصاله بواو الجماعة في باب البلاغة والفاء رابطة لجواب الشرط {وأصلحوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{بينهما} ظرف متعلق بأصلحوا.{فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ} الفاء عاطفة وإن شرطية و{بغت} فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والتاء للتأنيث وإحداهما فاعل {بغت} و{على الأخرى} متعلقان ببغت والفاء رابطة وقاتلوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{التي} مفعول به وجملة {تبغي} صلة {التي} و{حتى} حرف غاية وجر و{تفيء} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد {حتى} والفاعل مستتر تقديره هي و{إلى اللّه} متعلقان بتفيء.{فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الفاء عاطفة وما بعد الفاء تقدم إعرابه و{بالعدل} حال أي عادلين وإن واسمها وجملة {يحب المقسطين} خبرها وجملة إن وما بعدها تعليل للأمر لا محل لها.{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} {إنما} كافّة ومكفوفة و{المؤمنون} مبتدأ و{إخوة} خبر، {فأصلحوا} الفاء الفصيحة وأصلحوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{بين أخويكم} ظرف متعلق بأصلحوا.{وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} عطف على ما تقدم ولعلّ واسمها وجملة {ترحمون} خبرها.{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} {يا أيها الذين آمنوا} تقدم إعرابها و{لا} ناهية و{يسخر} فعل مضارع مجزوم بلا الناهية و{قوم} فاعل و{من قوم} متعلقان بيسخر و{عسى} فعل ماض من أفعال الرجاء وهي هنا تامة، وسيأتي حكمها في باب الفوائد، وأن وما في حيزها فاعلها وخيرا خبر {يكونوا} و{منهم} متعلقان بخير {ولا نساء من نساء} عطف على {قوم من قوم} و{عسى أن يكن خيرا منهنّ} تقدم إعرابها وجملة {عسى أن يكونوا} مستأنفة ورد مورد جواب المستخبر عن العلة الموجبة لما جاء النهي عنه.{وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ} عطف على ما تقدم إعرابه واضح.{بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ} {بئس} فعل ماض جامد لإنشاء الذم و{الاسم} فاعله و{الفسوق} هو المخصوص بالذم وهو مبتدأ خبره الجملة قبله ولك أن تعربه خبرا لمبتدأ محذوف و{بعد الإيمان} الظرف متعلق بمحذوف حال.{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الواو عاطفة و{من} اسم شرط جازم و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{يتب} فعل مضارع مجزوم بلم وهو فعل الشرط والفاء رابطة للجواب لأنه جملة اسمية وأولئك مبتدأ و{هم} ضمير فصل لا محل له أو مبتدأ ثان و{الظالمون} خبر {من} أو خبر {هم} والجملة خبر {أولئك} وجملة {فأولئك} في محل جزم جواب الشرط..البلاغة: 1- الحمل على المعنى: قال اقتتلوا والقياس اقتتلتا حملا على المعنى لأن الطائفتين في معنى القوم والناس ثم حمل على اللفظ فقال: {بَيْنَهُما}.2- التخصيص: خصّ الاثنين بالذكر بقوله: {فأصلحوا بين أخويكم} دون الجمع لأن أقل من يقع منهم الشقاق اثنان فإذا التزمت المصالحة بين الأقل كانت بين الأكثر ألزم لأن الفساد والشر المترتبين على شقاق الجمع أكثر منهما في شقاق الاثنين.3- وضع الظاهر موضع المضمر: وفيه أيضا وضع الظاهر موضع المضمر مضافا إلى المأمورين بالإصلاح للمبالغة في التقرير والتحضيض وقد مرّت الإشارة إلى هذا الفن.4- سرّ الجمع: لم يقل رجل من رجل ولا امرأة من امرأة إيذانا بإقدام غير واحد من رجالهم وغير واحدة من نسائهم على السخرية واستفظاعا للشأن الذي كانوا عليه ولأن مشهد الساخر لا يكاد يخلو ممّن يتلهّى ويستضحك على قوله ولا يأتي ما عليه من النهي والإنكار فيكون شريك الساخر وتلوه في تحمّل الوزر وكذلك كل من يستطيبه ويضحك منه فيؤدى ذلك وإن أوجده واحد إلى تكثير السخرة وانقلاب الواحد جماعة وقوما..الفوائد: 1- اختصّت عسى واخلولق وأوشك من بين أفعال المقاربة بجواز إسنادهنّ إلى أن يفعل حال كونه مستغنى به عن الخبر فتكون تامة قال ابن مالك في الخلاصة:نحو وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبّوا شيئا وهو شرّ لكم، وينبني على هذا الأصل فرعان أحدهما أنه إذا تقدم على إحداهنّ اسم هو المسند إليه في المعنى وتأخر عنها أن والفعل نحو زيد عسى أن يقوم جاز تقديرها خالية من ضمير ذلك الاسم فتكون عسى مسندة إلى أن والفعل مستغنى بهما عن الخبر فتكون تامة وهذه لغة أهل الحجاز وجاز تقديرها مسندة إلى الضمير العائد إلى الاسم المتقدم عليها فيكون الضمير اسمها وتكون أن والفعل في موضع نصب على الخبر فتكون ناقصة وهذه لغة بني تميم وإلى ذلك أشار ابن مالك بقوله: و قد جاء التنزيل كما في الآية التي نحن بصددها بلغة أهل الحجاز، والفرع الثاني أنه إذا ولى إحداهنّ أن والفعل وتأخر عنها اسم هو المسند إليه في المعنى نحو عسى أن يقوم زيد جاز الوجهان السابقان فيما إذا تقدم المسند إليه في المعنى وعلى هذا يكون مبتدأ مؤخرا لا غير، وجاز أيضا وجهان آخران أحدهما أنه يجوز في ذلك الفعل المقرون أن يقدّر خاليا من الضمير العائد إلى الاسم المتأخر فيكون الفعل مسندا إلى ذلك الاسم المتأخر وتكون عسى مسندة إلى أن والفعل مستغنى بها عن الخبر فتكون تامة والثاني أن يقدّر ذلك الفعل محتملا لضمير ذلك الاسم المتأخر فيكون الاسم المتأخر مرفوعا بعسى وتكون أن والفعل في موضع نصب على الخبرية بعسى مقدّما على اسمها فتكون ناقصة.2- المشاقّة في الإسلام: ننقل فيما يلى خلاصة عن الفصل الممتع الذي عقده الزمخشري بصدد المشاقة في الإسلام وواجب المسلمين حيالها إذا استشرت واستحكمت قال: هذا تقرير لما ألزمه من تولّى الإصلاح بين من وقعت بينهم المشاقّة من المؤمنين وبيان أن الإيمان قد عقد بين أهله من السبب القريب والنسب اللاصق ما إن لم يفضل الإخوة ولم يبرز عليها لم ينقص عنها ولم يتقاصر عن غاياتها، ثم قد جرت عادة الناس على أنه إذا نشب مثل ذلك بين اثنين من إخوة الولاد لزم السائر أن يتناهضوا في رفعه وإزاحته ويركبوا الصعب والذلول مشيا بالصلح وبثّا للسفراء بينهما إلى أن يصادف ما وهى من الوفاق من يرقعه وما استشنّ من الوصال من يبله، فالأخوة في الدين أحقّ بذلك وبأشدّ منه وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح إلا بإذنه ولا يؤذيه بقتار قدره ثم قال احفظوا ولا يحفظ منكم إلا قليل». .[سورة الحجرات: الآيات 12- 13]. {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}..اللغة: {تَجَسَّسُوا} يقال تجسّس الأمر إذا تطلبه وبحث عنه وقرئ {ولا تحسسوا} بالحاء، والمعنيان متقاربان، وقال الأخفش ليست تبعد إحداهما عن الأخرى لأن التجسس البحث عمّا يكتم عنك والتحسّس بالحاء طلب الأخبار والبحث عنها، وقيل إن التجسس بالجيم هو البحث ومنه قيل: رجل جاسوس إذا كان يبحث عن الأمور وبالحاء ما أدركه الإنسان ببعض حواسّه، وفي القاموس: ولا تجسسوا أي خذوا ما ظهر ودعوا ما ستر اللّه عزّ وجلّ أو لا تفحصوا عن بواطن الأمور أو لا تبحثوا عن العورات وجاء فيه أيضا: والتحسّس الاستماع لحديث القوم وطلب خبرهم في الخير وقال في الأساس: ومن أين حسست هذا الخبر وأخرج فتحسّس لنا وضرب فما قال حس وجيء به من حسّك وبسّك، وأنشد يصف امرأة ويشكوها:{شُعُوبًا} جمع شعب بفتح الشين وهو أعلى طبقات النسب وقال أبو حيان: الشعب الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب وهي الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة فالشعب يجمع القبائل والقبيلة تحمي العمائر والعمارة تجمع البطون والبطن يجمع الأفخاذ والفخذ يجمع الفصائل خزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة وسمّيت الشعوب لأن القبائل تشعبت منها ومنه اشتقّت الشعوبية بضم الشين وهم قوم يصغّرون شأن العرب سمّوا بذلك لتعلقهم بظاهر قوله تعالى:
|